Arts et culture

آخر المواضيع...

17‏/8‏/2012

مقال الصالون الأدبي رقم(1) : "أطفال الشوارع" ...

تناولت الأخت الفاضلة لطيفة خالد في مقالها الأول (الصالون الأدبي)  ، "أطفال الشوارع"، وهي  ظاهرة "اجتماعية-إنسانية"  شائكة وخطيرة خطورة القنابل الموقوتة والتي لا يعرف متى و كيف تنفجر .
أو بوصف آخر ، قنابل ناسفة تنسف أسس وترابط المجتمعات  وعلاجها ليس فقط التفكير في مساعدة هؤلاء اجتماعيا و إنسانيا...
بمعنى ، توفير لهم الأكل و الشرب وألبسة و ملاجئ للنوم وعدم تركهم يتسكعون في الشوارع ليلا و نهارا ، حفاظا على مظاهر المدن وعلى مداخل السياحة ...  
وإذا كان من  الواجب و الضروري توفير لهؤلاء "المنكوبين"   كل ذلك ،  لكن ذلك ليس كافيا و لا يحل  المشكل أو على الأقل تحجيمه وعدم تركه لكي يصبح "وباء الاجتماعي"...
وإنما الغوص في أعماقه ( المشكل )  ومحاولة إصلاح الخلل الذي بسببه تنتشر هذه الظاهرة والخلل أساسا اجتماعي:
كطلاق الوالدين و التفكك الأسري أو وفاتهما وعدم وجود من يتكفل بهم  على أحسن وجه . أو الحروب و النزعات المسلحة التي تأكل الأخضر و اليابس وأولى ضحاياها الأطفال ...
بدون أن ننسى السبب الآخر الذين يحاولون الكثير تجاوزه وعدم ذكره ويعتبر من المحرمات الغوص فيه ، ألا و هو (أي المشكل) الأطفال الغير شرعيين ضحايا "لحظة طيش" بين جنسين .
مفعول به (أي الأنثى) تتخلص من غلطتها خوفا من الفضيحة والفاعل (أي الذكر) يتخلص من تلك النزوة العابرة خوفا من الورطة أكثر خوفه من الفضيحة و ليتحمل نتيجة أفعالهما أطفال لا ذنب لهم إلا أنهم كانوا "بذرة" خطأ في وقت خطأ وفي نزوة خطأ ، ليضافوا الى قائمة "أطفال الشوارع" ...
وهناك سبب آخر أكثر خطورة وفظاعة  يحاول أيضا الكثير في المجتمعات العربية التكتم المطبق  عليه   ، وكما تنقل في كل مرة وسائل إعلام عربية  قضايا عن  "زنا المحارم" تنفجر هنا وهناك .
وربما المخفي أعظم مما يفصح عنه بسبب حساسية الموضوع ويفضل (الضمة على الحرف الأول) التخلص من تلك الفضحية برميها في الشوارع ليتحمل نتائجها السلبية المجتمع ككل بازدياد القائمة المفتوحة لأطفال الشوارع.  
وازدادت هذه الظاهرة انتشارا و استفحالا  ،  خاصة مع تطور و انتشار وسائل تكنولوجية حديثة نقلت أمراض اجتماعية خبيثة إلى مجتمعاتنا في عقر ديارها  ، وبالخصوص "البرابول " و"شبكة الانترنت" ...  يقابله غياب تام وكامل لدور الوالدين في مراقبة أولادهم في كيفية استعمال تلك الوسائل.
حتى منهم (أي الوالدين) لا يجدوا حرجا في ترك أبنائهم (ذكرا و أنثى) في متابعة أفلام بمختلف الأهداف و الأشكال على تلك الوسائل المذكورة  (أو وسائل أخرى غير مذكورة ...) .
أفلام قد تهيج كبار سنا و عقلا فما بالك شباب في سن المراهقة و ما أدراك ما سن المراقة والكل يعرف معنى ذلك ، إلا أن الكل مر أو سيمر  بهذا السن  ...     
لكن المشكل لا ينتهي عند هذه الأسباب ، بل هناك ظاهرة اجتماعية منتشرة و بالخصوص في مجتمعات عربية ،على الأقل في مدى منظوري ، وهي أطفال شوارع مع أن هؤلاء الأطفال لهم أولياء ولهم بيت وأسرة.
وكما تم تناوله في مواضيع سابقة  ، ظاهرة نتيجة الاستقالة الجماعية للوالدين وعدم الاهتمام بأبنائهم بمختلف الأعمار من السنة أولى مشي ( بمعنى عندما يبدأ الطفل في المشي) ،  إلى سن المراهقة وتركهم يتسكعون في الشوارع  ليلا ونهارا ولا ينتبهون أن لهما أولاد إلا عندما تصلهم أخبار مصائب وقعوا فيها أو تسببوا  فيها ...
حتى يظن المرء أن هؤلاء الأولياء لهم اتفاق ضمني مع الشارع،هما (أي الوالدين) عليهما الإنجاب و الشارع عليه الرعاية و التربية والتوجيه الأخلاقي ، والكل يعلم مدى قدرة الشارع في هذه المهمة...
خلاصة القول ، أن أولاد الشوارع أقسام وفروع كلهم في النهاية خطر آني أو مستقبلي على التماسك الاجتماعي للأمم وان السبب الرئيسي والمحوري  في ذلك يعود للوالدين بالأساس.
 رغم لا يمكن إنكار أن هناك أسباب أخرى خارج إرادتهما ، كما تم ذكره سلفا ، كالحروب و النزاعات المسلحة والتي يتحمل المجتمع ككل مسؤولية ذلك ...  



 حمدان العربي الإدريسي

ليست هناك تعليقات: